(٣٩) حكاية العجز
استوقفتني التجربة وما مر من عمر وما واجهته من صعاب وتحديات وما حققته من نجاح وما سقطت فيه من فشل وإخفاق على مدار خمس عقود ويزيد وما رصدته من تجارب الأخرين وكلها كانت خبرات حياتية لم يصادفها العجز حتى ظننت أن العجز مجرد كلمة ينطق بها الفاشلون لتبرير فشلهم ارضاءا لأنفسهم وتجنيب النفس اللوم والتوبيخ والعتاب ليتمكنوا من مجراة الحياة وقسوتها ولأنى أتمتع ببعض الثقافة الدينية وأحفظ دعاء سيدنا وتاج رأسنا وفخر البرية رسول الله ،، محمد ،، عليه وعلى آل بيته صلوات الله وتسليمه عندما إستعاذ بالله من العجز ، هنا علمت أن العجز يقهر العاجز ويقيد إرادته ويهزم رغبته ويحيل حياته إلى جحيم اليأس والحكاية كلها أن العجز لا يعرفه إلا من أصابه وأنه مذلة تحطم الروح وتفقدها الشغف والرغبة بالحياة وتأكد لى هذا المفهوم عندما أصبحت عاجزاً عن مواجهة الحياة ، نعم ذقته رغم ما حققته من نجاح إلى حد النبوغ وتحقيق المستحيل ، نعم أصاب العجز روحى وتمكن من نفسى ولم تفلح كل محاولات الفرار منه أو تجنبه ، هنا علمت أن العجز آفة تأكل الروح وتكسر إرادة النفس وتهوى بها إلى حفرة سحيقة من الظلمة بلا أمل فى النجاة
فما أصعب ان تعجز عن مواجهة الحياة وتضعف المقاومة ولم يعد أمامك سوى خيارات التسليم ، فلا أنت قادر أن تتجاوز عجز الفقر والعوز والحاجة ولا قادر أن تصلح ما تلف من حياتك أو تصلح ما فسد من أخلاق أبناءك أو تمرد الزوجة أو تقبل تخلى من حولك من أصدقاء أو أقارب أو معارف أو جيران ولا يعلم أحد حجم معاناتك ولا يقدر أحد ما أنت فيه من عجز
هنا لا تجد طريق للنجاة إلا طريق القرب من الله والخروج من حولك وقوتك إلى حول وقوة أكبر منك وأكبر من العجز ذاته وهى حول وقوة الله القادر الرحيم ومن هنا آمنت بقول الرسول الكريم مستعيذا بالله من العجز لأن ما يقوله نبى الله قول ليس من عندياته بلا هو وحى الله إليه ،، وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحى يوحى ،، لأن العجز يقيد الإختيارات ويحصرها فى زاوية لا مفر منها ولا خلاص إلا بإذن الله لأن النفس البشرية مهما كانت قادرة فهى فى لحظة فارقة تكون عاجزة عن مواجهة الظروف وتجاوز المصائب أو تبدل النعم إلا نقم وتسير الروح مدفوعة نحو اليأس والسقوط مهما كانت قدرتها على مقاومة النوائب ومهما حققت من نجاح وانتصار