(٣٥) حكاية الحزن المزمن
دوما عقب الصدمات نفقد التوازن وتتأرجح مشاعرنا بين اليأس ومحاولات النجاة وتتشوه صورة الحياة بأعيننا ونفقد الثقة فى كل ما حولنا ونصبح أكثر عرضة للسقوط وتختلف القدرة على مواجهة الصدمات أو التأثر بنتائجها من شخص إلى آخر فمنا من ينجو بعد فترة بسيطة ويتعافى ومنا من لا يستطيع الإفلات وربما نواجه صدمة واحدة أو خيبة واحدة وأحيانا تتوالى الصدمات والخيبات ومن هنا يصبح الحزن ملازم للروح متمكنا من الوجدان لا يفارقه وإذا وصلنا الى تلك الحالة من الحزن المهيمن على مشاعرنا نصبح فى حالة تسمى الحزن المزمن ومن ثم نفقد طعم الأشياء فتكون الحياة بطعم المرارة فلا شىء يفرح ولا شىء يبهج ، يصبح كل شىء متشح بالسواد ومن ثم تنعدم الرغبة فى الحياة ويصبح الموت أمنية يطلبها العقل وتستجديها الروح لأن الروح تصبح هشة وتنعدم الإرادة ولا سبيل من الخروج من تلك الحالة إلا بمعجزة والمعجزة بيد الله ومن ثم ينصرف السبيل للخروج من تلك الحالة بالالتجاء إلى الله لطلب العون والمدد عملا بقول الله تعالى ،، ألا بذكر الله تطمئن القلوب ،، وقوله تعالى ،، ومن أعرض ذكرى فإن له معيشة ضنكا ،، ولا أدرى إن كانت حالة الحزن المزمن التى تؤدى إلى اليأس تكون بسبب البعد عن الله أم أن اليأس يقود إلى البعد عن الله
وما أصعب الحزن المزمن عندما يأتى فى أواخر العمر ويصيبك وأنت على أعتاب النهاية والأصعب أن يحيط بك من كل اتجاه
فلا تجد سبيل للنجاة هنا تسقط قيمة الحياة نعم تصبح بلا قيمة تتساوى فيها كل الأحداث وتنتحر المبادئ رغما عنها بسبب القهر الذى تعانيه الروح من حالة الحزن المزمن
والحزن المزمن لا يصيب الروح مرة واحدة إلا إذا كانت الصدمة أكبر مما تحتمل والطعنة أكبر من مساحة اللحم فتؤدي إلى البتر إلى عاهة مستديمة تلازم الروح فيما تبقى لها من عمر
وأكثر ما يؤلم فى حكاية الألم المزمن أنك تتألم وحدك وتصرخ فى صمت وحدك دون أن تمتد إليك يد ، دون أن يأخذ بخاطرك أحد ، دون أن يخبرك أحدهم أنه بجوارك ولن يتخلى عنك وأنك سوف تكون بخير ومن ثم تفقد الشغف والرغبة فى الحياة