(٣٣) حكاية رجل للإيجار
حين التقينا وجدته شاحب الوجه حزينا تحتبس الدموع فى مقلتيه على عكس شخصيته بما فيها من أمل وشباب وطموح رغم أنه قارب نهاية العقد السادس من العمر لم أسأله عن حاله وما السبب الذى يجعله على ما هو بادى من ظاهر حاله إلا أننى وجدته يتكلم بصوت خفيض ،، بعدما كنت ملء السمع والبصر ، مهاب الجانب ، مرغوب الطلة ، أصبحت رجل للإيجار ، نعم رجل للإيجار ، لم أعد حقيقيا ، أصبحت رجل تحت الطلب ، أقوم بدور الكومبارس ، لا شىء منى حقيقى ، أصبحت أظهر فى حياتهم على فترات ، أظهر فقط عندما تلح الضرورة ،،
لم أفهم شىء مما قاله لكنى لم أحاول الإستفسار أو دفعه إلى الشرح لكنى وجدته يكمل حديثه فقال ،، لقد أصبحت أب حينما تجد ضرورة أن أظهر بهذا المظهر وهذه الصورة حيث يطلب منى أن أقوم بهذا الدور لأقول ما يرغبون قوله لا ما أرغب أن أقوله أنا وأن أبرم الإتفاق حسب هواهم معتمدين على مكانتي فى نفوس الناس وبلاغتى فى الحديث وعندما ينتهى اللقاء ويتم الإتفاق ينفضوا من حولى واعود إلى سيرتي الأولى بلا قيمة وبلا معنى وبلا مكانة فى نفوسهم
أظهر فى الصورة حين تظهر أزمة أو خلاف أو خصومة لهم مع الغير أو حين يطرأ طارئ يهدد سكينتهم أو مكانتهم بين الناس معتمدين على مكانتي الإجتماعية وقوة شخصيتي وعلاقاتي بالسلطة وأهل الربط والحزم وعندما يزول الطارئ وأدفع عنهم الخطر أعود إلى حيثما كنت من الإهمال
أظهر فى الصورة حينما يكون هناك طلب مادى صغر أو كبر بحجة أن تلك هى مسؤوليتي وذاك هو التزامي وعندما يتحقق الأمر أصبح منكور كأن لا وجود لى وكأنى بلا أهمية تذكر وكأنى لم أفعل شىء
أظهر فى الصورة عندما تكون هناك حاجة لوجودي كزوج لأشبع رغبة مؤقتة ، أو رغبة عابرة عندما يلح نداء الطبيعة وينتهى الأمر عقب هذا الإشباع دون النظر إلى رغبتي أو حاجتي إلى إشباع حرماني ، نعم أكون مثل ذكر النحل أو ذكر العنكبوت ، يقتصر دوره على مهمة محددة
أظهر فقط حين تكون هناك حاجة ملحة لهذا الظهور وهذا التواجد مقابل كسرة خبز أو جرعة ماء أو حضن مصطنع أو ضمة مزيفة
لم أعد الرجل المرغوب تواجده بل أصبحت حافظة نقود وتنحصر قيمتي عند هذا الحد
قلت له أنك تشبهني تماما وكأنك تتحدث عنى وعن حالات غير محصورة من الرجال وكأننا اصبحنا جميعا هذا الرجل ،، رجل للإيجار ،، أو رجل كومبارس
# بقلم حمدى بهاء الدين