بحر يبتسم للقدر
قال البحر بعد حديثى السابق معك ، بعد الفضفضة والشكوى بجرأة دون خجل ، وجدت نفسى مدفوعا أن أحكى أكثر حتى أخفف وطأة الحزن وضغط الألم وكبت القهر الذى أعانيه ، نعم يا صديقى اللدود إنهم جميعا كاذبون ومزيفون ، يرتدون أقنعة تخالف حقيقتهم ، تخالف مشاعرهم ، نعم يتظاهرون بالرضا والقبول لكن كل شىء تفضحه نظرة عيونهم ، تكشف عنه تصرفاتهم العفوية ، كل شىء ينبأ عن كره ورفض وإنكار لكل تضحيات الماضى وعطاءات السنون السابقة ، نعم أنا بالنسبة لهم لا شىء ، أنا مجرد برواز ، أنا مجرد بحر
رغم كل العطاء ، رغم تغير الحال من حال الى حال ، إذا قل الرزق فى البحر تذمروا وإذا منحتهم بحساب أنكروا وإذا علمتهم قواعد الإبحار تأففوا وقالوا هذا قيد لا نقبله ، إذا كان هناك مد قالوا إنه الطقس ، وإذا كان الجزر قالوا إنه عيب منى وبخل وتقتير ، أعجز عن إيجاد سبيل للرضا أو أن أجد وسيلة للقبول ، لا أحد يهتم لمعاناتى أو تعكر مزاجي ، لا أحد يقدم العون ، لا أحد يسامح ، كم فكرت أن أثور وأغرقهم أو أتركهم بلا بحر لكنى عدلت عن تلك الأفكار لأنى لم أعرف القسوة فى يوم ما ولا أبرأ نفسى من الخطايا لكنى كفرت عنها ودفعت الثمن باهظا حتى تبدلت وأصبحت بحر عجوز ، بحر مهزوم ، بحر مقهور ، بحر وحيد ومكتئب ، بحر كل أمنيته أن يكمل رسالته وأن يختم حياته بشئ يستحق ، تخيل يا صديقى اللدود أنى رغم كل شىء أبتسم للقدر