عام مضى، بين دروس الحياة وآمال المستقبل، نبدأ عامًا جديدًا بتفاؤل .
عام مضى و كلنا نرغب في الصلاح، لكننا نستثقل السعي إليه. جميعنا نبتغي الشرف، ولكننا لا نطيق من يتصف به. ومعظمنا يطلب النصيحة، ولكننا لا نعمل بها. فالناصح فينا مكروه، والصادق بيننا مكذب، والمخاصم لغيره فاجر.
عام يمضي، وقد امتحن الله قلوبنا، فمن صبر وشكر فقد فاز، ومن جزع وكفر فقد خسر خسرانًا مبينًا
مضى عام، وكل منا مر بما يسعده وما يسوؤه. فهنيئًا لمن زهد فيما أسعده، لأنه يعلم أنه لا سعادة مع فناء، ولا هناء مع فراق وإن طال البقاء. وهنيئًا لمن شكر على ما يسوؤه، لأنهم يعلمون أن البلاء يزول بالشكر، لا بالصبر فقط. فالصبر يهون البلاء، والشكر يمحقه.
عام مضى، وسقط من سقط وليس بالضرورة أن يكون السقوط موتًا ، فالسقوط في مستنقعات الكذب والوحشية والنرجسية والأنانية أسوأ بكثير من السقوط ميتًا. وقد قام من قام بأخلاقه وصدقه ورفعة قدره، ولو لم يكن حيًا. فقد قام بأعماله وأقواله، وبالنفع الذي تركه في الدنيا، يستفيد منه الآخرون، حتى وإن كانوا قد رقدوا تحت التراب أمواتًا ، عام يمضي، نترحم فيه على من مات، ونرحب فيه بمن وُلِد.
نشكر الله على أمنه وأمانه في وطنٍ غالي ، اشتعلت الفتن والمؤامرات حوله من كل جانب، حتى لم يتركوا حجرًا ولا شجرًا في محيطه، ولكن ما زالت إرادة خالقه أن يسبغ عليه أمنه ويحفظه. داعين الله أن يجعله في حفظه وحرزه إلى يوم يرث الله الأرض وما عليها.
عام مضى، نستغفر الله مما فيه من ذنوب، وندعوه أن يتقبل ما فيه من صالح الأعمال.
وعام يأتي، ندعو الله أن يجعله عامًا سعيدًا على وطننا وأمتنا العربية والإسلامية وأن نشهد فيه ما تقر به الأعين، ويطمئن له القلوب، ويشرح له الصدور، وتلهج به الألسن شكرًا وحمدًا لله.
عام مضى ولا زال كل صباح يقتل قابيل هابيل،
ويقف قارون في منتصف الطريق يقول: إنما أوتيته على علم عندي ويشرب جنود طالوت الماء من نهر الدنيا ومفاتنها، وما زلنا جميعًا خلف سد يأجوج ومأجوج نرتعد خوفًا من سقوطه، ويستمر العبد الصالح ينظر إلينا ويقول: إنكم لن تستطيعون معي صبرًا ..
فالحمد لله على ما مضى
والشكر لله على ما يأتي
وسبحان الله وبحمده في كل وقت وحين