الجرائم الإسرائيلية و تجردها من الإنسانية
في كل مرة يتجرد فيها العدوان الإسرائيلي عن الإنسانية، تكشف صورة مأساوية جديدة عن حجم المأساة التي يرتكبها هذا الإحتلال الغاشم ضد الشعب الفلسطيني. فمنذ سنوات طويلة، لا يزال الفلسطينيون يعانون من انتهاكات صارخة للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، إلا أن الجرائم التي تستهدف المرضى والطاقم الطبي تبقى واحدة من أبشع أشكال القتل المتعمد.
حديثنا اليوم عن مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة، الذي تعرض مؤخراً لعدوان إسرائيلي همجي، وما يزيد من حجم الكارثة الإنسانية في منطقة تكاد تخلو من الأمل في المستشفيات، التي يفترض أن تكون ملاذًا للشفاء والعلاج، لم تسلم من قسوة هذا العدوان، حيث تحول بعضها إلى أهداف عسكرية مباشرة، فكان مستشفى كمال عدوان ضحية جديدة لهذا الاستهداف المتعمد. فالعدوان الإسرائيلي لم يقتصر على تدمير المنشآت الطبية، بل أسفر عن سقوط العديد من الضحايا من المرضى والأطقم الطبية، في مشهد يعكس غياب أي قيم إنسانية لدى الاحتلال.
إن استهداف المستشفيات والمراكز الطبية يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يضع حماية المدنيين والمرافق الصحية في قلب أولوياته. ورغم هذه القوانين التي تحظر أي شكل من أشكال الهجوم على هذه الأماكن، إلا أن آلة الحرب الإسرائيلية تستمر في ممارستها بكل ضراوة، دون أي ردود فعل جادة من المجتمع الدولي.
في كل يوم، يسقط المزيد من الضحايا الفلسطينيين بسبب القصف العشوائي على هذه الأماكن. الأطفال والنساء، كبار السن والمرضى، لا أحد ينجو من هذه الحملة الوحشية. المشهد اليومي من الدماء والدموع، الجرحى والقتلى، صار مألوفًا للعديد من الفلسطينيين الذين لا يعرفون من الحياة سوى القهر والحرمان والقتل والبطش والاعتداءات ،فكم من أم فقدت حياتها بسبب قذيفة إسرائيلية؟ وكم من مريض كان على وشك التعافي، ليجد نفسه ضحية للهجوم الإسرائيلي الذي دمر المستشفى؟ هذه الصور المأساوية تدمع القلوب وتدفعنا للتساؤل أين هو الضمير العالمي؟ إلى متى سيظل العالم يتجاهل هذه الجرائم البشعة؟
إن استمرار الإعتداءات على المستشفيات والمراكز الطبية في فلسطين، خصوصًا في قطاع غزة، يستنزف دماء الفلسطينيين بشكل يومي، ويضاعف من معاناتهم. هؤلاء المرضى، الذين لا حول لهم ولا قوة، يجدون أنفسهم في مواجهة آلة حرب لا تفرق بين أحد، ولا تميز بين طفل أو مسن. بل أن هذه الاعتداءات أصبحت جزءًا من الروتين اليومي، الذي يتكرر بلا أي رحمة.
إن هذا الوضع الذي يزداد تدهورا وسوءا من يوم لآخر يضع العالم أمام مسؤولية تاريخية. فالتراخي في مواجهة هذه الجرائم يعني أن المجتمع الدولي يساهم في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني. لذلك، يجب أن يكون هناك تحرك عاجل لوقف هذه الانتهاكات المستمرة، مع محاسبة المسؤولين عنها. ومن الضروري أن تتحمل الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية مسؤولياتها في حماية المدنيين والمرافق الطبية، وتوفير الدعم الكامل للمتضررين في فلسطين.
إن الشعب الفلسطيني الذي عاش سنوات طويلة تحت الاحتلال لا يستحق هذه المعاناة المستمرة. يجب على العالم أن يتوقف عن الصمت، وأن يطالب بحقوق الفلسطينيين في الحياة والكرامة والعلاج. هذه حقوق إنسانية لا يمكن لأحد أن يتجاهلها أو ينكرها، وإذا كان لنا أن نأمل في غد أفضل، فلا بد أن يكون هذا الغد مبنيًا على العدالة والمساواة.
مع بداية عام جديد، نأمل أن يتغير هذا الواقع، وأن يتحرك العالم بشكل جاد لوقف هذا العدوان، لكي تنعم فلسطين بالسلام الذي طالما حلمت به أو لتكن مشيئة الله في نهاية اسرائيل في هذه البقعة المباركة من الأراضي الفلسطينية المقدسة.