قصة مشروع Gerber Together في عالم الأزياء
قصة مشروع Gerber Together في عالم الأزياء
ما من عمل خير ستفعله إلا وسيرد إليك في يوم من الأيام ولا يوجد أبلغ من هذه العبارة نحكي من خلالها مشروع " Gerber Together " وهو مشروع تعليمي لصناعة الملابس والباترون ولكن بشكل إلكتروني يتم على جهاز كمبيوتر، وللوهلة الأولى يبدو مشروع عادي، فيوميًا يتم البدء في آلاف المشروعات سواء في عالم الملابس أو خارجه، لكن البعد الإنساني في هذه القصة بالتحديد هو ما يجعلها فريدة ومختلفة.
بداية فكرة المشروع
حين تسأل أحد ما من أصحاب المشروعات كيف بدأت مشروعك، يسرد لك قصة دسمة عن أحلام طفولته وتفكيره في مشروعه، لكن بدأ مشروع Gerber Together مع المهندس أشرف بتعليق على فيسبوك، حين كانت تسأل إحدى السيدات في وقت أزمة كورونا 2020 عن نسخة لبرنامج Gerber في منشور على صفحتها بفيسبوك -وGerber هو برنامج عالمي لقص الملابس ورسم الباترون، رد عليها آلاف المعلقين أحدهم قال بأنه يملك النسخة بـ 1000 جنيه، وذاك قال بأنه سيهديها النسخة بـ 500 فقط، في هذا الوقت قرر المهندس أشرف إعطائها النسخة ولم يطلب منها سوى دعوة صادقة، وقد كان.
بدأ بعدها المهندس أشرف في التفكير في تعليم الناس فعلًا على هذا البرنامج الجديد، الذي يسعى الكثير من العاملين في مجال الملابس إلى تعلمه؛ لما يوفره من الوقت والجهد عليهم، ولم يستغرق التفكير طويلًا فانطلق بعدها يبتدئ أولى دوراته التدريبية في تعليم الناس على Gerber، وسرعان ما تطورت العملية وتحولت من مجموعة تدريبية واحدة إلى مجموعات، ثم إنشاء مقر جديد للمشروع حتى يتم استيعاب الطاقة العددية للمتدربين، وأصبح المشروع هو العمل الأساسي للمهندس أشرف بعدما كان مجرد طاقة تطوعية بجانب عمله في التلفزيون المصري كمصمم أزياء.
كان يعمل المهندس أشرف في الكثير من الأعمال التلفزيونية والدرامية، مثل: فيلم الكنز، ومسلسل كفر دلهاب وغيرها من الأعمال، لكن وجد أن شغفه في تعليم الناس، سواء من خلال الدورات التدريبية أو من خلال قناته على اليوتيوب، التي صب فيها كل علمه وتجربته لغير القادرين، ورغم ذلك يأتيه الناس في الدورات التدريبية للالتقاء معه والاستزادة من معرفته، ثم توسع المشروع وبدأ في التدريس إلى مجموعات في لندن، وفي السعودية وتحديدًا في جامعة القصيم، وفي الجزائر والعراق وفرنسا، وبعد افتتاح المقر الأول تم افتتاح الفرع الثاني في جسر السويس، ثم الفرع الثالث في الرياض بالسعودية.
يرى المهندس أشرف أن هذه البرامج الحديثة تتيح للإنتاج الكبير التوفير الهائل في الوقت والمجهود، وبعد أن كانت هذه الأمور تتم بشكل يدوي وغير دقيق، أصبحت تتم من خلال مجموعة أزرار في جهاز الكمبيوتر ثم يتم تنفيذه بدقة كبيرة، وهو العلم الذي يجب أن يتعلمه جميع العاملين بمجال الملابس، ولكن لا يوجد استغناء عن رسم الباترون اليدوي أيضًا وهو ما يرونه مهمًا جدًا، لأنه هو الأساس الذي ينطلق منه الرسم على الكمبيوتر.
التدريب والتعليم في رسم الباترون
حين يأتي المتدربون لأول مرة دون سابق معرفة بالمجال، ودون خبرة في رسم الباترون، يستقبلهم المهندس كريم لتأسيهم وتعليمهم الحجر الأول في بنايتهم، ويبدأ معهم المهندس في فرز المتدربين حسب مستويات خبراتهم وحسب أهدافهم من البرنامج، ومن ثم يعمل مع كل متدرب على حدى في تحقيق هدفه، وتعليمه بالشكل الأمثل بناء على خبراته السابقة، ورغم أن العمل مع كل متدرب يكون بشكل مختلف، لكن نصل إلى نفس النتيجة في النهاية، وهو أن جميعهم يصلون إلى المستوى المرجو الذي يؤهلهم للانتقال إلى المستوى الأعلى والرسم بالكمبيوتر.
ومن بين أحد المتدربين كان الأستاذ عبد الحميد خريج كلية الاقتصاد المنزلي قسم الملابس والنسيج، ولكن حين دخل الكلية لم يكن ناويًا على هذا القسم، بل وقع في حبه بعد الشهور الأولى من الدراسة، فقرر أن يدرسه ويمتهنه، وتكون هذه الصناعة هي هوايته وتعليمه في آنٍ واحد، يمتلك الأستاذ عبد الحميد ورشة بالفعل في صناعة الجواكت الجلد، والجواكت بشكل عام، وكان يعتمد في البداية على الباترون اليدوي والقص والقياس بيديه، والذي كان يستغرق منه يومًا كاملًا، ولكن وجد أن العالم يتغير من حوله فقرر أن يطور من نفسه ويأخذ الدورة التدريبية الخاصة بـGerber، فتحول عمله بعدها 180 درجة، سواء في الوقت أو في الجودة.
الفن بذرة
ومن المتدربات كانت الأستاذة نعمة، أو الفنانة نعمة، التي تبرهن على فكرة أن الفن بذرة داخل الإنسان، وأن الفنان الحقيقي يمارس فنه أيًا كان المهنة التي يمتهنها، عملت نعمة في البداية كمدرسة رسم تعلم الأطفال كيف يعبرون عما بداخلهم من خلال الأفلام والألوان، ثم قررت تغيير مجال عملها إلى العمل بالملابس، وأن تنقل فنها إلى لوحة جديدة يستمر فيها إبداعها، فأخذت هي الأخرى الدورة التدريبية الخاصة بالبرنامج والذي ساعدها على الترقي في عملها الجديد بأحد الفنادق، ولا تزال مستمرة في طموحها للإبداع والترقي أكثر، وليس في السلم الوظيفي لعملها فحسب، بل في صناعتها هي وتطويرها لذاتها.
الشغف في المشروع
ولا تكتمل الحكاية دون شغف الشباب الصغير، والطموح الذي يزلزل قلوبهم، فكانت الشابة إسراء متواجدة بين المتدربين، تتعلم وتتعلم بلا كلل، تريد أن تستنفع من خبرات الجميع، رغم عملها المستقر في مصنع شهير للملابس، لكنها تريد المزيد من المعرفة والعلم ومعرفة كل ما هو جديد في المجال عن طريق هذا البرنامج الجديد، ولم يبدأ هذا الشغف مؤخرًا، بل صاحبها من طفولتها حب الموضة والأزياء، وعشق تنسيق الملابس والإكسسوارات، والآن هي تعمل في أكثر شيء تحبه، فهل يوجد نجاح يمكن أن يحققه المرء أكبر من أن يجتمع عمله وشغفه معًا؟.
وهناك الكثير من المتدربين الذين تحدثوا بكل سعادة عن تعليمهم من البرنامج وعن مدى استفادتهم من توفير الطاقة وسهر الأيام الطويلة لإنهاء العمل، ومدى تطورهم في عملهم بسبب هذا المشروع، دعوا من قلوبهم دعوة صادقة للمهندس أشرف، الذي طلب قبل 4 سنوات دعوة واحدة صادقة من سيدة على الفيسبوك، فكافئه الله بآلاف الدعوات والمحبة والتقدير من متدربيه، وكأن النسخة المجانية التي أرسلها إلى هذه السيدة هي ما ردت إليه كل هذا الخير أضعافًا مضاعفة.