قرارات الإزالة في أسوان وتداعياتها
بدأ الدكتور إسماعيل كمال منذ توليه منصب محافظ أسوان حملة موسعة لتنفيذ قرارات الإزالة في مختلف مناطق المحافظة. هذه الحملة تأتي ضمن خطة شاملة لإزالة التعديات على الأراضي المملوكة للدولة والأراضي الزراعية، وذلك وفقًا لتوجيهات الدولة باستعادة حقوقها والتصدي للبناء العشوائي. لكن هذه القرارات أثارت جدلاً واسعاً بين المواطنين والمسؤولين المحليين، ما بين مؤيدين يرون أنها ضرورة لتنظيم العمران وإعادة الحقوق للدولة، وبين معارضين يعتبرونها قاسية وتؤدي إلى تشريد العديد من الأسر.
أوضح الدكتور إسماعيل كمال أن الحملة تأتي استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطبيق القانون والحفاظ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة. أضاف المحافظ أن التعديات على الأراضي قد تفاقمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما يشكل خطراً على الأمن الغذائي ويسيء إلى المشهد العمراني في المحافظة.
وأكد أن تنفيذ قرارات الإزالة يهدف إلى حماية حقوق الدولة ومنع المزيد من التعديات، مشيراً إلى أن الدولة لن تتسامح مع أي محاولات للبناء غير القانوني على الأراضي الزراعية أو الأراضي المملوكة لها. شدد المحافظ على أن هناك حرصًا كبيرًا على دراسة كل حالة على حدة لضمان عدم الإضرار بالمواطنين بشكل غير عادل، وأن الإجراءات تشمل منح مهلة لإخلاء العقارات المخالفة.
رغم ما ذكره المحافظ من مبررات، فإن قرارات الإزالة لم تكن محل ترحيب من الجميع. التقى هذا التحقيق بعدد من المواطنين الذين تم إزالة منازلهم أو مشاريعهم الصغيرة بسبب هذه الحملة. يقول عبد الله علي، أحد المتضررين: "تمت إزالة منزلي الذي كنت أقيم فيه منذ 15 عاماً مع عائلتي. لم يتم تقديم بديل أو تعويض، والآن نحن مشردون ولا نعرف إلى أين نذهب".
بالإضافة إلى ذلك، تعالت أصوات أخرى تنتقد هذه الحملة بسبب ما يرونه من تركيزها على المواطنين البسطاء، دون استهداف حقيقي للمتعدين الكبار على الأراضي. يروي أحد المواطنين الذي فضل عدم الكشف عن هويته: "نرى أن الإزالات تستهدف العشوائيات والمباني الصغيرة، بينما بعض الشخصيات النافذة التي استولت على مساحات شاسعة من الأراضي لم تُمس حتى الآن".
من الناحية القانونية، فإن الحملة تأتي في إطار تطبيق القوانين الخاصة بحماية الأراضي المملوكة للدولة والأراضي الزراعية. يوضح المستشار القانوني أحمد سعد أن قانون البناء ينص على ضرورة التصدي لأي تعديات على أراضي الدولة أو البناء العشوائي، لاسيما في المناطق التي تشكل خطورة على حياة المواطنين أو تشوه البيئة العمرانية.
لكن سعد يشير إلى أن هذه القوانين يجب أن تُطبق بحذر، مع مراعاة الظروف الإنسانية والاجتماعية للمواطنين. ويؤكد على أهمية توفير بدائل أو تعويضات ملائمة للعائلات المتضررة من قرارات الإزالة، لضمان عدم انتهاك حقوقهم الإنسانية.
من الجانب الاقتصادي، يرى بعض الخبراء أن قرارات الإزالة، رغم أنها قد تكون ضرورية لتنظيم البناء واستعادة الأراضي، إلا أنها قد تؤدي إلى أضرار اقتصادية على المدى القصير. بعض المشاريع الصغيرة التي تم إزالتها كانت توفر دخلاً لأصحابها ولأسرهم.
يقول الخبير الاقتصادي محمود عبد الحكيم: "على الرغم من أن هذه الإزالات قد تكون جزءًا من خطة أوسع للتنمية العمرانية في أسوان، إلا أنها في المدى القريب يمكن أن تتسبب في زيادة البطالة وتراجع الأنشطة الاقتصادية في بعض المناطق".
للتعامل مع الآثار السلبية المحتملة لهذه القرارات، يقترح بعض المحللين ضرورة وضع خطط موازية للحملات، تشمل توفير مساكن بديلة للأسر المتضررة، ودعم المشروعات الصغيرة التي تأثرت بالإزالة. كما يطالبون بتطبيق قرارات الإزالة بشكل عادل، بحيث لا تستهدف فقط الفئات الضعيفة، بل تشمل كل من يثبت تورطه في التعديات.
الدكتور إسماعيل كمال نفسه أشار إلى أن الدولة تعمل على توفير بدائل سكنية في بعض الحالات، وتبحث عن حلول مستدامة لتفادي تشريد المواطنين. لكنه شدد في الوقت ذاته على أن هذه الحملة لن تتوقف حتى يتم استعادة كافة أراضي الدولة وحماية الأراضي الزراعية.
تظل قضية قرارات الإزالة في أسوان معقدة ومثيرة للجدل. بين التأييد الكامل لهذه الإجراءات بوصفها جزءًا من جهود الدولة لاستعادة حقوقها وتنظيم العمران، وبين المعارضة التي ترى فيها تشريدًا وتضييقًا على المواطنين البسطاء. السؤال الذي يظل مطروحاً: كيف يمكن للدولة أن توازن بين تطبيق القانون والحفاظ على حقوق المواطنين، دون أن يتسبب ذلك في أزمات اجتماعية واقتصادية جديدة؟